أهمُّ ما يمتاز به العربيُّ في الوقت الحاضر هو النفَس القصير؛ فهو يريد كلَّ شيء بسرعة، وهذا نجده بكافَّة المجالات، وأخُصُّ العربي خاصَّة وليس المسلم قاصدة ذلك؛ لأننا رأينا الأتراك مثلاً - وهم مسلمون - عندهم صفة النفَس الطويل، وهذا ظهَر في تضامُنهم مع غزة، والذي استمرَّ بعد الحرب، بينما العرب توقَّف تضامُنهم بمجرَّد توقُّف الحرب.
فمعركة الفرقان تعلِّمنا خطأ هذا الفعل، وتمثَّل ذلك بكتائب القسَّام والفصائل الأخرى الذين علموا قدراتهم وتحلَّوا بالصبر، ولم يتصرَّفوا بعواطفهم التي يمتاز بها العرب دائمًا، فكان من الممكن أن يطلقوا مئات الصواريخ في أيام الحرب الأولى ويظهر فشلهم في نهايتها، غير أنهم عرفوا قدراتهم واستطاعتهم، وأدركوا أنَّ الانتصار على اليهود لا يمكن أن يكون إلا بإرعاب العدو، أو بكلمة أخرى (بالإرهاب)، الكلمة الإيجابية التي ظلَمها الإعلام العالمي عامَّة، والإعلام العربي خاصة، فالإرهاب لفظ قرآني أمَرَنا به الله - عزَّ وجلَّ - ويعني: الإعداد التام قدر المستطاع ليكون رادعًا لغير المسلمين لعدم الاعتداء على المسلمين.
فالإرهاب هو القوة الرادعة، ولكن ما يصنعه اليهود والأمريكيون هو الإجرام؛ والذي يعني: استخدام القوة الفعلية - وليست الرادعة - وممارسة القتل والتدمير، فهم مجرِمون ونحن علينا أن نكون مُرهِبين، وهذا ما قام به المجاهدون في غزة؛ فهم لا يمتلكون السلاح ولا الدبابات ولا الطائرات، فاعتمدوا النفَس الطويل في إطلاق الصواريخ بحيث يَرعبون ويُرهِبون العدو على مدى أيام المعركة المباركة، فمجرَّد استمرار الصحفيين ببثِّ خبر الصواريخ الفلسطينية كان بمثابة نصرٍ للمجاهدين، أمَّا لو أنهم تصرَّفوا بعواطفهم، خاصة عند استشهاد الريان وصيام، وأفرغوا سلَّتهم - لما كان لهم انتصار.